الشيخ عمر في أخذ حذاء الشيخ محمد وقدمتها له، فلما التفت إلي فرح وقال لي: أحسبك آبقا، وكان كثير التحدث عن شيخه الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم، ومجلسه وسعة علمه وورعه، وربما ساق بعض الأمثلة التي سمعها من الشيخ محمد في النحو وغيره، وإذا تحدث عنه وصفه بالبحر (١).
ومن هذا الإيراد تدرك أن الشيخ محمد بن مانع نشأ في بيت علم وفضل وأدب وعرفان بمكانة العلماء، وأن هذه المدرسة العلمية التي نشأ فيها انعكست على والدته التي أحسنت توجيهه بعد وفاة أبيه وكانت له نعم الموجهة إلى درب العلم لإدراكها مكانة العلم ومعرفتها بالمنبع الصافي الذي يمكن أن يرده ابنها لينهل منه، حيث أدركت الرابطة المتينة التي تشد العلماء صلة وبرا وعرفانا بالفضل لأهله، وما ذلك إلا أن للنشأة في بيت العلم انعكاسا على أهله، كحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تجد منه ريحا طيبا، فالعلماء هم المصابيح التي يستضيء بها الساري، ويسترشد بما آتاهم الله الناس، ولذا أحبت هذه الأم لابنها أن يرتقي لمكانة أبيه وجده في العلم؟ لأنها فاهمة مدركة، وهذا جزء من أثر العلماء فيمن حولهم، يقول حافظ إبراهيم: