للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكنيسة في إنجلترا - أليس من مصلحة الإسلام أن يحذو حذو الكنيسة فيتفرغ للدعوة الدينية في مجالها المحدود؟ بل إن بعض الكتاب قد أوصى بطرق عديدة أن هذا هو الطريق المفتوح أمام الإسلام في عالم اليوم، ويريد بذلك أن يغرس هذه الفكرة في أذهان الكتاب المسلمين.

وهنا نقول: إننا نحن المسلمين الذين يعتزون بإسلامهم كما يعتز المسيحيون بدينهم - لا نقبل هذا التصور ولا نوافق عليه. لأن طبيعة الدين الإسلامي الذي هو في نفس الوقت نظام متكامل لكل شئون الحياة، لا تقبل هذا المفهوم ولا تجد له مكانا في تصوراتها.

إننا ننظر لكل من يدعون إلى هذه الدعوة بعين الريبة والشك والحذر؛ لأنها تمثل اعتداء على التوجيهات والتنظيمات الإسلامية الخاصة بهذا المجال من حياة المسلم والذي لا يكمل إيمانه إلا بتحقيقها. ومن هنا فإنا نأمل من كل حوار أن يتجنب الإشارة من قريب أو بعيد إلى هذه القضية، قضية فصل الدين عن السياسة لأنها تمثل في ذهن كل مسلم - خاصة في ظروفه الراهنة التي يمر بها مجتمعه - اغتصابا لحق أساسي من حقوقه كمسلم يؤمن برسالة الإسلام أساسا لتنظيم جميع شئون حياته الاجتماعية والتعليمية والإدارية. وما المجتمع وما الحكم وما السياسة إلا هذه، فمتى خرجت عن التصور الإسلامي فقد المجتمع المسلم أساس وجوده.

ثانيا: التجديد

كثيرا ما يجد بعض من يريد الانسلاخ من الدين أن الفصل بينه وبين الحياة في المجتمع الإسلامي أمر صعب، فيلجأ إلى الدعوة إلى التجديد في مجالات معينة، نظام الأسرة مثلا، النظام الاقتصادي، وهلم جرا. ونجد كثيرا من الموجهين للدراسات الإسلامية يوحون بشئ كهذا للكتاب في العالم الإسلامي، وهنا - مرة أخرى - يجد التيار الإسلامي نفسه في صراع مع هذا النوع من التفكير. فالإسلام بقيمه ومثله وتصوراته مستمد من قواعد معينة، وهي مع مرونتها وقدرتها على التواؤم مع احتياجات المجتمع لا يمكن التغاضي عنها أو التخلص منها، هناك عادات وأعراف تصلح للتغير ولكن القواعد الأساسية للتصور الاجتماعي أو الاقتصادي يجب أن يحافظ عليها المجتمع الإسلامي في كل تغيير تتطلبه ظروف معينة؛ ومن هنا فإن المطالبة بالتجديد في مثل هذه المجالات ودعوة العالم الإسلامي للأخذ بهذا التجديد أمر لا يريح المفكر المسلم ولا يطمئنه.

وعلى سبيل المثال: المطالبة بالمساواة بين الذكر والأنثى، وإتاحة الفرصة التعليمية والوظيفية لهما. وهذه من النقاط الحساسة والتى تثار من وقت لآخر، وقد وردت في إحدى مذكرات مجلس الكنائس العالمي في الحوار الإسلامي المسيحي في غانا.

فخروج الحوار عن الإطار العام الذي يقصد به أولا خلق جو الثقة والاطمئنان إلى جزئيات معينة كمساواة المرأة وحقوقها، واعتبار هذه المساواة ومنح المرأة حق شغل المناصب الدينية، وأن هذا من المسائل التي تستحق العناية السريعة- يجعلنا نتساءل عن الباعث لهذا، فالإسلام قد منح المرأة الحق الكامل في التعليم وأعطاها شخصية