للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تدركه عقولنا، وبما يجب علينا تدبره وتأمله وتفهمه، كما كان سلفنا الصالح يفعلون ذلك. ذكر أهل السير أن الأحنف بن قيس رحمه الله كان من أخص أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وسيد قومه، فسمع ذات مرة وهو جالس إنسانا يقرأ القرآن، فإذا به يقرأ قول الله سبحانه: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (١) فانتبه كأنه كان نائما فاستيقظ، وظل يردد الآية الكريمة لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ويقول لنفسه: هل في القرآن حديث عني؟ ثم قال: علي بالمصحف؟ علي بالمصحف؟ فصار يقلب الصفحات يفتشه من غير قصد، فإذا به يمر بقوم يقول الله تبارك وتعالى عنهم: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (٢) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (٣) {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (٤) {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} (٥) قال اللهم لا أجد نفسي في هؤلاء، ثم مر بقوم يصفهم الله بقوله: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (٦) قال: اللهم لا أجد نفسي في هؤلاء، أنا أصغر من هؤلاء، ثم مر بقوم يقول الله عنهم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (٧) قال: اللهم إني لا أجد نفسي في هؤلاء، ثم قلب الصفحات فإذا به يمر بقوم يصفهم الله بصفات معاكسة


(١) سورة الأنبياء الآية ١٠
(٢) سورة المؤمنون الآية ١
(٣) سورة المؤمنون الآية ٢
(٤) سورة المؤمنون الآية ٣
(٥) سورة المؤمنون الآية ٤
(٦) سورة الفرقان الآية ٦٣
(٧) سورة السجدة الآية ١٦