للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في اشتراط الطهارة للطواف بخلاف أبي حنيفة رحمه الله ويحسن التنبيه هنا إلى أن خلاف الأحناف للجمهور في هذه المسألة ونظيراتها لا يرجع إلى ثبوت نص أو خفائه، أو صحته، أو ضعفه، أو سلامة قياس أو فساده. . .، وإنما يرجع ذلك في الجملة إلى خلاف أصولي، ترتب عليه الخلاف في تلك المسائل لاتحاد أصلها، واتساق نظمها وهو الخلاف في قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (١). هل هو من باب المطلق أم المجمل؟

وإذا كان من باب المطلق فهل تقييده يعد زيادة على النص؟

وهل الزيادة على النص تعد نسخا، ولذا فإنه يشترط في المقيد ألا يقل درجة عن المطلق؟

وهذا ما ذهب إليه الأحناف، إذ اعتبروا أن الله جل وعلا أمر بالطواف في كتابه مطلقا من كل قيد، والطواف هو الدوران حول البيت، فمن دار حول البيت فقد أدى المأمور به في الآية، فصح طوافه. وأن ما جاء في السنة من أوامر بأشياء أو نواه عن أمور فإنها قيود في ذلك الطواف، والقول باشتراطها يقتضي زيادة على ما في الكتاب وهو مفض إلى نسخ إطلاق الكتاب بأخبار الآحاد وذلك ممنوع؛ لأن من شرط النسخ اتحاد درجة النصين في الثبوت، فلا ينسخ قطعي الثبوت- المتواتر- بخبر الآحاد.

قال ابن الهمام: " قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا} (٢) يقتضي


(١) سورة الحج الآية ٢٩
(٢) سورة الحج الآية ٢٩