للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخروج عن عهدته بالدوران حول البيت مع الطهارة وعدمها، فجعله لا يخرج مع عدمها نسخ لإطلاقه، وهو لا يجوز، فرتبنا عليه موجبه من إثبات وجوب الطهارة حتى أثمنا بتركها، وألزمنا الجابر، وليس مقتضى خبر الواحد غير هذا، لا الاشتراط المفضي إلى نسخ إطلاق كتاب الله تعالى " (١) وفيما ذهب إليه الأحناف نظر من عدة أوجه:

(أحدها) أن الآية المشار إليها من قبيل المجمل؛ لأن المجمل: ما لم تتضح دلالته، أو ما له دلالة غير واضحة (٢). فالآية وإن دلت على الأمر بالطواف إلا أنها أجملت ذلك ولم توضح كيفيته ولا عدده. . . ولا شك أن المراد بالطواف في الآية ليس المعنى اللغوي أو الحقيقة اللغوية، وإنما المراد به المعنى الشرعي والحقيقة الشرعية.

فلا يقال لمن ألم بالبيت أو دار حوله مرة واحدة إنه طاف بالبيت شرعا، إجماعا، وإن كان يطلق عليه ذلك لغة. فبيان هذا الإجمال، ومعرفة المراد بالطواف في الآية إنما جاء بفعله صلى الله عليه وسلم والفعل إن كان بيانا لمجمل واجب كما هو الحال في مسألتنا فإنه يحمل على الوجوب، على التحقيق عند العلماء.

ونظير هذا أمره سبحانه وتعالى بالحج في قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (٣)


(١) انظر: شرح فتح القدير ٣/ ٥١
(٢) انظر: شرح الكوكب المنير ٣/ ٤١٤ شرح فتح القدير ٣/ ٥١. أصول الفقه لأبي الخطاب ٢/ ٢٢٩.
(٣) سورة آل عمران الآية ٩٧