للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يقال إن الله أمر بالحج مطلقا من كل قيد، فكل من فعل ما يصدق عليه لفظ الحج فقد صح حجه. بل ذلك من قبيل المجمل، فكان البيان بفعله عليه الصلاة والسلام.

وفي هذا المعنى يقول ابن النجار الفتوحي (١): وأي لفظ له محمل لغة وشرعا كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطواف بالبيت صلاة (٢)» فإنه يحتمل أنه كالصلاة في الأحكام، ويحتمل أنه صلاة لغة؛ لأن معناها لغة: الدعاء، فسمي صلاة لما فيه من الدعاء.

فعند أصحابنا وأكثر العلماء يحمل على المحمل الشرعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لتعريف الأحكام لا اللغة- وفائدة التأسيس أولى- وأيضا: ليس في الطواف حقيقة الصلاة الشرعية فكان مجازا.

والمراد: أن حكمه حكم الصلاة في الطهارة، والنية، وستر العورة وغيره.

ويدل على ذلك قوله في بقية الحديث: «إلا أن الله أحل فيه الكلام (٣)» فدل على أن المراد كونه صلاة في الحكم إلا ما استثنى، ولأنه إذا تعذر المسمى الشرعي للفظ حقيقة رد إليه بتجوز، محافظة على الشرعي ما أمكن.

وقيل: إن ذلك مجمل لتردده بين المجاز الشرعي والمسمى اللغوي.


(١) انظر: شرح الكوكب المنير ٣/ ٤٣٣ - ٤٣٥.
(٢) سنن الترمذي الحج (٩٦٠)، سنن الدارمي كتاب المناسك (١٨٤٧).
(٣) سنن الترمذي الحج (٩٦٠)، سنن الدارمي كتاب المناسك (١٨٤٧).