للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أشار إلى مسألة مقاربة، وهي: إذا كان اللفظ له حقيقة لغة وشرعا فلأيهما يحمل فقال: " خطاب الشرع إذا ورد بلفظ له حقيقة في اللغة، وحقيقة في الشرع: كالوضوء، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، ونحوها، فإنه يجب حمل ذلك على عرف الشرع عند أكثر العلماء. وقال أبو حنيفة: يحمل على اللغوي إلا أن يدل دليل على إرادة الشرعي. قال: لأن الشرعي مجاز، والكلام لحقيقته حتى يدل دليل على المجاز. وأجيب: بأنه بالنسبة إلى الشرع حقيقة، وإلى اللغة مجاز، فذلك دليل عليه لا له. وقيل: وهو ظاهر كلام أحمد رحمه الله إنه مجمل. وأشار إلى أن بيان المجمل يحصل بالفعل عند جمهور العلماء فقال (١): " البيان يحصل بالفعل على الصحيح، وعليه معظم العلماء، والمراد فعل النبي صلى الله عليه وسلم وخالف في ذلك شرذمة قليلون. دليل المعظم- كما قال ابن الحاجب وغيره-: أنه صلى الله عليه وسلم بين الصلاة والحج بالفعل، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (٢)». وقال: «خذوا عني مناسككم (٣)». . .، لا يقال: إن الذي وقع به البيان قول. وهو قوله: " صلوا " و" خذوا "؛ لأنا نقول: إنما دل القول على أن فعله بيان، لا أن نفس القول وقع بيانا ".

وقال صاحب أضواء البيان (٤): " إن فعله صلى الله عليه وسلم في الطواف من الوضوء له، ومن هيئته التي أتى به عليها، كلها بيان تفصيل لما أجمل في قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٥)


(١) انظر: المرجع السابق ٣/ ٤٤٢، ٤٤٣.
(٢) صحيح البخاري الأذان (٦٣١)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٧٤)، سنن النسائي الأذان (٦٣٥)، سنن أبو داود الصلاة (٨٤٢)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٥٣).
(٣) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٢).
(٤) انظر: أضواء البيان ٥/ ٢٠٣، ٢٠٤
(٥) سورة الحج الآية ٢٩