للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقرر في الأصول: أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان لبيان نص من كتاب الله، فهو على اللزوم والتحتم؛ ولذا أجمع العلماء على قطع يد السارق من الكوع؛ لأن قطع النبي صلى الله عليه وسلم للسارق من الكوع بيان وتفصيل لما أجمل في قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (١) لأن اليد تطلق على العضو إلى المرفق، وإلى المنكب. . .، ثم قال: يعرف حكم فعل النبي صلى الله عليه وسلم من الوجوب أو غيره بالبيان، فإذا بين أمرا واجبا كالصلاة والحج، وقطع السارق، بالفعل، فهذا الفعل واجب إجماعا، لوقوعه بيانا لواجب إلا ما أخرجه دليل خاص- وبهذا تعلم أن الله تعالى أوجب طواف الركن بقوله: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٢) وقد بينه صلى الله عليه وسلم بفعله، وقال: «خذوا عني مناسككم (٣)» ومن فعله الذي بينه به: الوضوء له- كما ثبت في الصحيحين- فعلينا أن نأخذه عنه إلا بدليل، ولم يرد دليل يخالف ما ذكرنا ".

(الثاني): لا يسلم أن تقييد المطلق، ومثله تخصيص العام زيادة تقتضي النسخ، وتفضي إلى نسخ الكتاب بخبر الآحاد.

بل إن التخصيص، قصر العام على بعض أجزائه، والتقييد نحوه: أي قصر المطلق على بعض أفراده. فهو لا يقتضي زيادة على النص تفضي إلى نسخ الكتاب بخبر الآحاد، وإنما هو بيان للمراد في الكتاب العزيز، ولذا فإن جمهور العلماء مع اتفاقهم


(١) سورة المائدة الآية ٣٨
(٢) سورة الحج الآية ٢٩
(٣) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٢).