للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الآحاد، متفقون على جواز تخصيص عمومه، وتقييد مطلقه بخبر الآحاد. وخالف في ذلك الأحناف. قال المجد بن تيمية (١): " فإن كان المطلق والمقيد مع اتحاد السبب والحكم في شيء واحد، كما لو قال: إذا حنثتم فعليكم عتق رقبة. وقال في موضع آخر: إذا حنثتم فعليكم عتق رقبة مؤمنة. فهذا لا خلاف فيه، وأنه يحمل المطلق على المقيد، اللهم إلا أن يكون المقيد آحادا والمطلق متواترا، فينبني على مسألة الزيادة على النص، هل هي نسخ، وعلى النسخ للتواتر بالآحاد، والمنع قول الحنفية " وقال ابن اللحام بعد نقله كلامه: " والأشهر بين الأصوليين: أن المقيد بيان؛ لأن المراد من المطلق كان هو المقيد، لا نسخا له " (٢).

وهذا الأصل الفاسد دفع الأحناف إلى رد كثير من الأحاديث الصحيحة والسنن الثابتة بحجة أنها زيادة على ما في الكتاب، والزيادة تقتضي النسخ، والقول بها يفضي إلى نسخ الكتاب بأخبار الآحاد.

(الثالث) لو سلم أن التقييد زيادة على ما في النص، وأن آية الطواف نكرة في معرض الأمر فهي من باب المطلق، إذ المطلق ما تناول واحدا غير معين باعتبار حقيقة شاملة لجنسه (٣).

وأن ما جاء في السنة من هيئات، وصفات، أو أوامر،


(١) انظر: المسودة، ص ١٤٦.
(٢) انظر: القواعد والفوائد الأصولية، ص ٢٨٢.
(٣) انظر: شرح الكوكب المنير ٣/ ٣٩٢.