للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونواه تقييد لمطلق الآية، وزيادة على ما تضمنته، لو سلم ذلك، فإن هذه الزيادة على آية الطواف لا تقتضي نسخا ولا تفضي إلى نسخ الكتاب بخبر الآحاد؛ لأن حقيقة النسخ: رفع حكم شرعي، بدليل شرعي متراخ عنه (١). وهذه الزيادة لم ترفع حكما شرعيا، وإنما رفعت أمرا مسكوتا عنه، وهذا لا يسمى نسخا، كما لا يسمى رفع البراءة الأصلية نسخا.

قال صاحب أضواء البيان (٢) مبينا حجة أبي حنيفة في مخالفته الجمهور في اشتراط الطهارة والستارة للطواف: " فاعلم أن حجته في ذلك هي قاعدة مقررة في أصوله ترك من أجلها العمل بأحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتلك القاعدة التي ترك من أجلها العمل ببعض الأحاديث الصحيحة، متركبة من مقدمتين:

إحداهما: أن الزيادة على النص نسخ.

والثانية: أن الأخبار المتواترة لا تنسخ بأخبار الآحاد.

فقال في المسألة التي نحن بصددها: قال الله تعالى في كتابه:

{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٣) وهو نص متواتر، فلو زدنا على الطواف اشتراط الطهارة، والستر، فإن هذه الزيادة نسخ، وأخبارها أخبار آحاد فلا تنسخ المتواتر الذي هو الآية. . . ثم قال: والتحقيق في مسألة الزيادة على النص هو التفصيل: فإن كانت الزيادة أثبتت شيئا نفاه المتواتر، أو نفت شيئا أثبته، فهي نسخ له.


(١) انظر: المصدر السابق ٣/ ٥٢٦.
(٢) انظر: أضواء البيان، ٥/ ٢١١، ٢١٢
(٣) سورة الحج الآية ٢٩