للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهب ابن حزم إلى أن الخصومة والدعوى ليست شرطا لإقامة حد القذف، واستدل على ذلك بحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: «لما نزل عذري قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فأمر بالمرأة والرجلين، فضربوا حدهم (١)».

ووجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الحد على الذين رموا عائشة رضي الله عنها بدون أن تطالب بذلك، فلو كانت المطالبة والدعوى من المقذوف شرطا لتوقيع العقوبة على القاذفين لما أقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد على أولئك النفر الذين رموها بدون مطالبتها بذلك.

وكذلك استدل بإقامة عمر رضي الله عنه الحد على الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنى دون أن يكون هناك مطالبة من المغيرة بن شعبة (٢).

والراجح هو مذهب جمهور الفقهاء؛ لأن القذف حمل للآدمي أو حقه فيه هو الغالب، فتتساوى مع جرائم القصاص التي اشترطت فيها الخصومة بالاتفاق.


(١) أورد هذا الجزء من حديث عائشة في الإفك ابن حزم بسنده في المحلى ١١/ ٢٨٩، وقد وردت القصة كاملة في البخاري وليس فيها الشاهد الذي هنا. انظر: صحيح البخاري ٣/ ١٥٤. وانظر: صحيح مسلم ٤/ ٢١٢٩ الحديث رقم ٢٧٧٠، مسند أحمد ٦/ ١٩٤.
(٢) راجع: المحلى ١١/ ٢٨٩ - ٢٩٠.