للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ما استدل به ابن حزم من حديث عائشة فليس فيه ما يدل على عدم اشتراط الدعوى من المقذوف؛ لأن عدم التصريح بمطالبتها ليس دليلا على انتفاء مطالبتها بذلك. والأمر الثاني أن الدعوى إنما اشترطت دفعا لاحتمال صدق مقولة القاذف، وهذا منتف في شأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ لثبوت نزاهتها وبراءتها بنص القرآن.

وأما توقيع عمر رضي الله عنه عقوبة القذف على الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بالزنى، فليس التصريح بعدم طلب المغيرة نافيا لطلبه، فقد يكون طلبه ولم ينقل. وهو الأولى، بل هو ظاهر وقائع القصة.

وأما السرقة التي تمس حق الله وحق العبد معا، وإن كان جانب الاعتداء على حق الله هو الغالب، فقد اختلف العلماء في اشتراط الدعوى والخصومة فيها إلى ثلاثة أقوال:

١ - فذهب أبو حنيفة (١) والشافعي (٢) وأحمد (٣) وغيرهم إلى أن الدعوى ومطالبة المسروق منه بماله شرط لثبوت جريمة السرقة وتوقيع الحد على السارق.


(١) راجع: بدائع الصنائع ٧/ ٥٢، وفتح القدير ٥/ ٤٠٠، حاشية ابن عابدين ٤/ ١٠٦.
(٢) الأم ٧/ ١٥١، تحفة المحتاج ٤/ ١١١.
(٣) المغني ١٢/ ٤٧٠ - ٤٧١، كشاف القناع ٦/ ١٤٦.