للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديبية، فإنه بعد الحديبية أرسل رسله إلى الملوك، ومعلوم أن الكلام حرم قبل هذا باتفاق المسلمين، لا سيما وقد أنكر جمهور العلماء على من زعم أن قصة ذي اليدين كانت قبل تحريم الكلام؛ لأن أبا هريرة شهدها، كيف يجوز أن يقال مثل هذا في صلاة الكسوف، بل قد قيل: إن الشمس كسفت بعد حجة الوداع قبل موته بقليل. وأما كونه من الخشية ففيه أنه نفخ حرها عن وجهه؛ وهذا نفخ لدفع ما يؤذي من خارج، كما ينفخ الإنسان في المصباح ليطفئه، أو ينفخ في الشراب، ونفخ الخشية من نوع البكاء والأنين وليس هذا ذاك) (١).

٣ - عن الأبرش قال: حدثني أيمن بن نايل قال: قلت لقدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا نتأذى بريش الحمام في مسجد الحرام إذا سجدنا، فقال: انفخوا (٢).

دل هذا الأثر المروي عن هذا الصحابي أن النفخ أثناء الصلاة لا يبطلها.

أدلة القول الثاني:

١ - أن النفخ إذا انتظم حرفين أفسد الصلاة؛ لأنه كلام، والكلام مبطل للصلاة، لعموم النهي عنه في الصلاة، وسواء أفهم الكلام أو لم يفهم؛ لأن الكلام يقع على المفهم وغيره.

واعترض على هذا الدليل بمنع كون النفخ من الكلام لما عرف أن


(١) مجموع الفتاوى ٢٢/ ٦٢٠.
(٢) رواه البيهقي ٢/ ٢٥٣.