للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دليل القول الثاني:

أنه من جنس كلام الآدميين فيبطل الصلاة سواء كان للدنيا أو للآخرة (١).

الراجح:

الذي يظهر لي رجحانه هو القول الأول لما تقدم من أدلة، ولأن البكاء وما في معناه إذا كان من خشية الله كان من جنس ذكر الله ودعائه، فإنه كلام يقتضي الرهبة من الله والرغبة إليه. وهذا خوف الله في الصلاة، ولو صرح بمعنى ذلك بأن استجار من النار أو سأل الجنة لم تبطل صلاته بخلاف الأنين والتأوه في المرض والمصيبة فإنه لو صرح بمعناه كان كلاما مبطلا (٢).

المطلب الثالث: إذا فعل البكاء والأنين والتأوه مختارا، ولم يكن لخشية الله. فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين:

الأول: أنها تبطل الصلاة وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن، ومالك في رواية والشافعي في الأصح وأحمد في رواية هي المذهب.

الثاني: أنها لا تبطل الصلاة وهو قول أبي يوسف، ومالك في رواية عنه، وأحمد في رواية عنه، وقد رجح شيخ الإسلام هذا القول حيث قال: (وأبو يوسف يقول في التأوه والأنين لا يبطل مطلقا على أصله،


(١) انظر: الروض المربع ٢/ ١٥٨.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى ٢٢/ ٦٢٢، ٦٢٣.