إن هذه الخطبة تبين ما كان عليه الصديق رضي الله عنه من كريم خلق وبعد نظر، فهو يوضح لرعيته أن هذا الاختيار الذي تمت على ضوئه البيعة لم يغير في نفسه شيئا؛ لأنه ينظر إليها بعد البيعة كما ينظر إليها قبل البيعة، وذلك هو المبدأ الأول الذي من خلاله يتعامل مع الناس.
ثم عرض لهم المبدأ الآخر وهو المسؤولية المنوطة به تجاه الدعوة ونصرتها ويطلب من سائر المسلمين- بلا استثناء- إعانته على تحمل هذه المسؤولية الجسيمة أو تقويمه عند خطأ يرتكبه؛ لأن أثر الخطأ في هذا ليس عليه وحده، بل على الأمة والدعوة.
ثم عرض بعد ذلك موقفه من الجهاد في سبيل نشر الدعوة إلى الإسلام، وأن الأمة إذا خذلت الدعوة فتركت الجهاد فإنها ستكون أهلا للخذلان من الله تعالى، وأن يضربها الله بالذل والهوان، فتصير أمة ذليلة حقيرة، ولذا فإنه سيحافظ على كرامة هذه الأمة بأن لا يقف الجهاد، وألا يتخاذل عنه المسلمون مهما تكن الأسباب.