يبيع ما له بثمن مقدر إما بثمن المثل وإما بالثمن الذي اشتراه به لم يحرم مطلقا تقدير الثمن. ثم إن ما قدر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في شراء نصيب المعتق هو لأجل تكميل الحرية وذلك حق الله وما احتاج إليه الناس حاجة عامة فالحق فيه لله- إلى أن قال- وحاجة المسلمين إلى الطعام واللباس وغير ذلك من مصلحة عامة وليس الحق فيها لواحد بعينه فتقدير الثمن فيها بثمن المثل على من وجب عليه البيع أولى من تقديره لتكميل الحرية (إلى أن قال وأبعد الأئمة عن إيجاب المعاوضة وتقديرها هو الشافعي ومع هذا فإنه يوجب على من اضطر الإنسان إلى طعامه أن يعطيه بثمن المثل. وتنازع أصحابه في جواز التسعير للناس إذا كان بالناس حاجة ولهم فيه وجهان. وقال أصحاب أبي حنيفة: لا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس إلا إذا تعلق به حق ضرر العامة فإن كان أرباب الطعام يتعدون ويتجاوزون القيمة تعديا فاحشا وعجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير سعر حينئذ بمشورة أهل الرأي والبصيرة وإذا تعدى أحد بعد ما فعل ذلك أجبره القاضي. أ- هـ كلامه -رحمه الله-،،،.
والذي يظهر لنا وتطمئن إليه نفوسنا ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من التسعير ما هو ظلم ومنه ما هو عدل جائز فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير الحق على البيع بثمن لا يرضون أو منعهم مما أباحه الله لهم فهو حرام وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل فهو جائز بل واجب. فما قدره النبي -صلى الله عليه وسلم- من الثمن في سراية العتق هو لأجل تكميل الحرية وهو حق الله وما احتاج إليه الناس حاجة عامة فالحق فيه لله فحاجة المسلمين إلى الطعام والشراب واللباس ونحو هذه الأمور مصلحة عامة ليس فيها الحق لواحد بعينه فتقدير الثمن فيها بثمن المثل على من وجب عليه البيع أولى من تقديره لتكميل الحرية.
فالتسعير جائز بشرطين أحدهما أن يكون التسعير فيما حاجته عامة لجميع الناس، والثاني ألا يكون سببا لغلاء قلة العرض أو كثرة الطلب فمتى تحقق فيه الشرطان كان عدلا وضربا من ضروب الرعاية العامة للأمر كتسعيرة اللحوم والأخباز والأدوية ونحو هذه الأمور مما هي مجال للتلاعب بأسعارها وظلم الناس في بيعها وإن تخلفا أو أحدهما كان ذلك ظلما وداخلا فيما نص عليه حديثا أنس وأبي