للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترد هذا القول كما تقدم وأما كون الخلفاء الراشدين فعلوا الإفراد، فإن الإفراد الذي فعله الخلفاء الراشدون الثلاثة: أبو بكر وعمر وعثمان وأمروا به، ليس مختلفا فيه أنه هو الأفضل عند الأئمة الأربعة، وهو أن ينشئ سفرا للعمرة من بلده ثم ينشئ سفرا آخر للحج من بلده، وإنما الخلاف في الأفضل هنا، هو فيمن جمع النسكين في سفرة واحدة، سواء كان قارنا أو متمتعا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إنه إذا أفرد الحج بسفرة، والعمرة بسفرة، فهو أفضل من القران والتمتع الخاص بسفرة واحدة، وقد نص على ذلك أحمد وأبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم. وهو الإفراد، الذي فعله أبو بكر وعمر، وكان عمر يختاره للناس، وكذلك علي، وقال عمر وعلي في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (١) قالا: إتمامهما أن تهل بهما من دويرة أهلك. . .

(٢) فالمراد بالمنقول عن هؤلاء الخلفاء الراشدين، هو أن ينشئ للعمرة سفرة، ثم ينشئ للحج سفرة أخرى. ويدل لذلك أنه لا من رواية عمر وأنس، وكذلك علي وعثمان وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا - كما تقدم - فكيف يروون بأسانيد صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان قارنا ثم يخالفون ذلك؟ فعلم أن مرادهم هو هذا. والله أعلم.


(١) سورة البقرة الآية ١٩٦
(٢) مجموع الفتاوى ٢٦/ ٨٥، ٨٦.