للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - قالوا: إن الدم الواجب بالقران والتمتع جبران للنقص؛ لأنه دم متعلق بالإحرام، أو يختص وجوبه بالإحرام، فأشبه الجزاء ونسك الأذى، وإذا ثبت أنه دم نقص وجبران، فالإتيان بالعبادة على وجه ليس فيه نقص ولا جبران أتم (١).

ونوقش هذا الاستدلال: بأنه لا يصح من وجهين:

أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من هديه، وقد ثبت أنه كان متمتعا التمتع العام - أي القران - فإن القارن يدخل في مسمى التمتع، فدل على استحباب الأكل من هدي المتمتع، ودم الجبران ليس كذلك.

الثاني: أن سبب الجبران محظور في الأصل، كالإفساد بالوطء، وكفعل المحظورات أو ترك الواجبات، فإنه لا يجوز له أن يفسد حجه، ولا أن يفعل المحظور إلا لعذر، ولا يترك الواجب إلا لعذر، والتمتع جائز مطلقا، فلو كان دمه دم جبران لم يجز مطلقا، فعلم أنه دم نسك وهدي، وأنه مما وسع الله به على المسلمين، فأباح لهم التحلل في أثناء الإحرام والهدي مكانه، لما في الاستمرار من المشقة فيكون بمنزلة قصر الصلاة في السفر، وبمنزلة الفطر للمسافر (٢).

قلت: ويمكن تلخيص الجواب عن الدليل الثالث: بأن الجميع قد اتفقوا على إباحة القران والتمتع، فدل أنهما غير ناقصين، وكيف يكون ناقصا وقد أباحه الله (٣).


(١) الإشراف لعبد الوهاب ٢/ ٢٢٣، ٢٢٤، والمجموع ٧/ ١٦٣.
(٢) ذكر هذين الوجهين شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٢٦/ ٥٨، ٥٩.
(٣) مختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٠٣.