للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدم يكون في اللحم والمذبح فقالت: إنما نهى الله عن الدم المسفوح. وسئلت عن الدم في أعلى القدر فلم تر به بأسا وقرأت آية الأنعام حتى بلغت {مَسْفُوحًا} (١)

ولتخصيص التحريم بالمسفوح أحل الله دمين غير مسفوحين وهما الكبد والطحال كما في الحديث المشهور، وأحل أكل اللحم مع بقاء أجزاء من الدم في العروق لأنه غير مسفوح. وقال الإمام الجصاص: لا خلاف بين الفقهاء في جوازه ا. هـ.

وإلى هذا ذهب جمهور الأئمة فقالوا: إن الدم المحرم هو الدم المسفوح لا مطلق الدم، فيحمل الدم المطلق في الآيات السابقة على المقيد في آية الأنعام.

وذهب ابن حزم إلى أن جملة الدم محرم مسفوحا وغير مسفوح، وأن الله تعالى حرم المسفوح منه في مكة بآية الأنعام، ثم حرم بالمدينة الدم جملة بآية المائدة وهي آخر سور القرآن نزولا. ومع هذا وافق الجمهور في أن ما يبقى من الدم في الحيوان المذكى في عروقه وفي خلال لحمه ليس من الدم المحرم، وقال: إنه حلال ا. هـ.

ولولا ذلك لوجب تتبعه في العروق واللحم لاستئصاله، وفي ذلك عسر يأباه يسر الشريعة السمحة.

فلا جناح في أكل اللحم المذكى مع وجود بقايا الدم فيه، لأن ذلك معفو عنه شرعا. والله أعلم.

٢ - التسمية على الذبيحة:

وحرم الله تعالى من الذبائح في الآيات السابقة {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} (٢) وهو ما ذكر عليه غير اسمه تعالى. وأصل الإهلال رفع الصوت، وكل رافع صوته فهو مهل. وكان العرب في الجاهلية يرفعون أصواتهم عند الذبح بأسماء أصنامهم وأوثانهم. فذلك هو الإهلال. والمراد من الغير في الآية الصنم والوثن وغيرهما كالعزير والمسيح والصليب والكعبة، فلا يحل شيء من الذبائح التي أهل لغير الله تعالى. ومنه {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} (٣) وهي أحجار كانت لهم منصوبة حول الكعبة يذبحون عليها، ولعل ذبحهم عليها كان علامة لكونه للأصنام ونحوها. وقيل هي الأصنام تنصب فتعبد من دون الله تعالى.

وقد روي عن عمر وابنه وعلي وعائشة كراهة ما أهل به لغير الله (والمراد حرمته) وعن النخعي


(١) سورة الأنعام الآية ١٤٥
(٢) سورة البقرة الآية ١٧٣
(٣) سورة المائدة الآية ٣