للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ} (١) وقد تحقق أن هذه الدول الآن تقتل البهيمة إما بواسطة تسليط الكهرباء فتموت خنقا، وإما بضربها بمطرقة في مكان معروف لديهم فتموت حالا وهذا محقق عنهم لا يمتري فيه أحد فقد كتبت عنهم عدة كتابات في هذا الصدد.

فتحقق أن ذبائحهم ما بين منخنقة وموقوذة وهذه لا يمتري أحد بتحريمها فقد حرمها الله في كتابه وقرن تحريمها بتحريم الميتة والخنزير وما أهل به لغير الله وهذا غاية في التنفير والتحريم فلا يبيحها كون خانقها أو واقذها منتسبا لدين أهل الكتاب.

وقد صرح العلماء أن من شروط صحة الذبح الآلة، وللآلة شرطان أحدهما أن تكون محددة تقطع أو تخرق بحدها لا بثقلها وفي حديث عدي قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن صيد المعراض فقال «ما أصاب بحده فكله وما أصاب بعرضه فهو وقيذ (٢)».

والثاني أن لا تكون سنا ولا ظفرا فإذا اجتمع هذان الشرطان في شيء حل الذبح به لقوله صلى الله عليه وسلم «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر (٣)» متفق عليه.

وقال في المغني وأما الحل أي محل الذبح فالحلق واللبة وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر ولا يجوز الذبح في غير هذا المحل بالإجماع.

إن الله أباح ذبائح أهل الكتاب لأنهم يذكرون اسم الله عليها كما ذكره ابن كثير وغيره أما الآن فقد تغيرت الحال فهم ما بين مهمل لذكر الله فلا يذكرون اسم الله ولا اسم غيره أو ذاكر لاسم غيره كاسم المسيح أو العزير أو مريم ولا يخفى حكم ما أهل لغير الله به وفي سياق المحرمات {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} (٤)

وفي حديث علي «لعن الله من ذبح لغير الله (٥)» الحديث رواه مسلم والنسائي أو ذاكر عليه اسم الله واسم غيره. أو ذابح لغير الله كالذي يذبح للمسيح أو عزير أو باسمهما فهذا لا يشك مسلم بتحريمه وأنه مما أهل به لغير الله، وذكر إبراهيم المروذي أن ما ذبح عند استقبال السلطان تقريبا إليه، أفتى أهل بخارى بتحريمه لأنه مما أهل به لغير الله أ. هـ- فمن ذبح للصنم أو لموسى أو لعيسى أو غيرهما فكل هذا حرام ولا تحل الذبيحة سواء كان الذابح مسلما أو كافرا وبعضهم أباح هذه الذبائح مستدلا بقوله {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٦) وهذه ذبائحهم والصحيح ما ذكرنا لما أشرنا إليه من الأدلة ولا مخالفة حتى يطلب الجمع إذ ذبيحة الكتابي مباحة فلا تباح المنخنقة والموقوذة وما أهل به لغير الله لأن خانقها وواقذها وذابحها من أهل الكتاب.


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٤٧٥)، صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٢٩)، سنن الترمذي الصيد (١٤٦٥)، سنن النسائي الصيد والذبائح (٤٢٧٤)، سنن أبو داود الصيد (٢٨٤٧)، سنن ابن ماجه الصيد (٣٢٠٨)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٧٧).
(٣) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٥٠٩)، صحيح مسلم الأضاحي (١٩٦٨)، سنن الترمذي الأحكام والفوائد (١٤٩١)، سنن النسائي الضحايا (٤٤١٠)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٤٦٣)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٧٧).
(٤) سورة البقرة الآية ١٧٣
(٥) صحيح مسلم الأضاحي (١٩٧٨)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٢٢)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١١٨).
(٦) سورة المائدة الآية ٥