للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في نكاح المتعة الذي غايته قضاء وطر شهوة لا غير ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعلانه واشتهاره لشرفه فقال صلى الله عليه وسلم: «أعلنوا النكاح (١)» وقال: «فرق ما بين الحلال والحرام الضرب بالدف (٢)». لكون النكاح الحرام يبالغ أهله في إخفائه وعدم بيانه فنكاح المتعة الذي غايته تفنن الذوق والتنقل في اللذات بدون رغبة منه ولا منها في اصطفاء البنين والبنات بل إنه من الأسباب التي ينقطع بها النسل؛ لأنه متى تعاقب الرجال على المرأة بحيث تكون عند أحدهم شهرا وعند الآخر الشهر الثاني فإنه بذلك يفسد نظام الحمل من أجل اختلاط المياه في الرحم إذ هي بهذه الصفة من قبيل المتخذات أخدان.

وفي مذهب الزيدية: أن النكاح مؤبد فلا يجوز عندهم نكاح المتعة أو النكاح المؤقت إلى أمد مجهول أو معلوم وغايته إلى خمسة وأربعين يوما أو أكثر من ذلك. فقد حدث زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنهم «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة عام خيبر (٣)». وأخرج البخاري ومسلم والمؤيد بالله في شرح التجريد وغيرهم من طريق مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية (٤)».

وأخرج البيهقي عن طريق عبد الله بن لهيعة عن موسى بن أيوب عن إياس بن عامر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة فقال: إنما كانت لمن لم يجد فلما أنزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت».

وأخرج البيهقي أيضا أن رجلا سأل عبد الله بن عمر عن المتعة فقال حرام. قال فإن فلانا يقول فيها. فقال والله لقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمها يوم خيبر وما كنا مسافحين وهذا يدل على تحريم المتعة.

ثم إن الشيعة تمسكوا في استدلالهم على نكاح المتعة بقوله سبحانه: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (٥). وهذا الاستدلال لا صحة له فإن هذه الآية سيقت في بيان ما يحل ويحرم من نكاح النساء كما يعلم من نظمها فيما قبلها وبعدها.

وأن يكون الغرض المقصود هو الإحصان وطلب النسل دون التمتع بسفح الماء والتنقل في اللذات. الذي يكون حظ الحيوان فيها أكثر من حظ الناس ثم إن السنة تفسر القرآن وتبين ما أشكل منه وقد فسرت السنة هذا الاستمتاع وإن المراد به النكاح الشرعي.


(١) سنن الترمذي النكاح (١٠٨٩)، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٩٥).
(٢) عن محمد بن حاطب الجمحي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح " - رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه
(٣) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٥٢٣)، صحيح مسلم النكاح (١٤٠٧)، سنن الترمذي النكاح (١١٢١)، سنن النسائي النكاح (٣٣٦٥)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٦١)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٤٢)، سنن الدارمي النكاح (٢١٩٧).
(٤) صحيح البخاري المغازي (٤٢١٦)، صحيح مسلم النكاح (١٤٠٧)، سنن الترمذي النكاح (١١٢١)، سنن النسائي النكاح (٣٣٦٦)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٦١)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٤٢)، سنن الدارمي النكاح (٢١٩٧).
(٥) سورة النساء الآية ٢٤