للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن استمتعت بها استمتعت وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها (١)» فدل الحديث على نفس ما دلت عليه الآية وأن المراد بقوله {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} (٢) أي بالنكاح الشرعي الذي يتخلله الطلاق عند عدم الوفاق كما قال: «وكسرها طلاقها (٣)» ونكاح المتعة ليس فيه طلاق ولا نفقة ولا ميراث فيجوز عندهم أن يستأجرها بنكاح المتعة فهو يتمشى على طريقة السفاح بحيث إن الرجل يتفق مع المسافحة أسبوعا أو شهرا بأجر مسمى على سبيل الاختصاص بدون مشارك ثم يتفق الثاني معها كذلك إلا أنهم لا يذكرون فيه نكاح المتعة- ولهذا قال علي رضي الله عنه لا أوتي بمستمتعين إلا رجمتهما.

فقوله {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} (٤) أي تمتعتم والزوجة تسمى متاعا كما روى الإمام أحمد والدرامي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة التي إذا نظر إليها الزوج سرته وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله (٥)».

ثم إن النكاح الشرعي المؤبد يخالف نكاح المتعة المقدر بيوم أو أسبوع أو شهر فإن نكاح المتعة ليس فيه سوى قضاء وطر الشهوة فقط بحيث يسفح ماءه في فرجها فهو يزيد في الولوع والشغف في التنقل في اللذات فكلما سفح ماءه في امرأة انصرف عنها إلى غيرها لكون الحب إذا نكح فسد ولكون المتمتع بنكاح المتعة لا يقصد الإحصان وإنما يقصد مجرد السفاح والتنقل في اللذات بين المشتهيات فتزداد به المرأة جنونا لا إحصانا بحيث تنصرف برغبتها عن النكاح الشرعي ومن شرط النكاح الشرعي هو أن يكون عن رغبة في استدامة بقائها لإحصانه بها وطلب النسل منها أما إذا تزوجها على عزم أن يطلقها بعد يوم أو يومين أو أسبوع أو على نية أن يبيحها لزوجها الأول فإن هذا نكاح باطل ولا ينعقد ولا تحل به المرأة لزوجها الأول ويسمى التيس المستعار وعن ابن مسعود قال «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل (٦)» له رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.

ومن صفة المؤمنين ما أخبر الله عنهم بقوله {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (٧) {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (٨) {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (٩). أي المتجاوزون ما أحل الله لهم إلى ما حرم عليهم.

إن متعة النساء في استئجار المرأة لوطئها يوما أو أسبوعا أو شهرا كانت من عمل الجاهلية ثم بقيت على حالة الإباحة في أول الإسلام حيث كان الناس في شدة وحاجة فلما وسع الله عليهم بالمال


(١) سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن (٣٠٨٧)، سنن ابن ماجه كتاب النكاح (١٨٥١).
(٢) سورة النساء الآية ٢٤
(٣) صحيح مسلم الرضاع (١٤٦٨).
(٤) سورة النساء الآية ٢٤
(٥) سنن ابن ماجه النكاح (١٨٥٧).
(٦) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٤٨).
(٧) سورة المؤمنون الآية ٥
(٨) سورة المؤمنون الآية ٦
(٩) سورة المؤمنون الآية ٧