للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوم فتح خيبر أي عام ست من الهجرة فحرمها رسول الله عن الله تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة «وقال إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن عنده منهن شيئا فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا (١)».

إنما أبيحت متعة النساء لهم في أول الإسلام كحالتهم في الجاهلية حيث كانوا مصابين بالفقر الشديد والفاقة وبالجوع والعراء حيث كانوا يتقاسمون في بعض أسفارهم التمرة الواحدة وحيث كان يوجد من بينهم سبعون رجلا ما منهم رجل عليه إزار ورداء بل إما إزار وإما رداء قد ربطوها في أعناقهم - وفي الصحيحين «أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي، فنظر إليها ثم صوب نظره فقام رجل فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال: هل عندك من شيء فقال لا والله فقال انظر ولو خاتما من حديد فقال والله ما عندي ولا خاتم من حديد ولكن هذا إزاري فلها نصفه وليس عليه سوى إزار فقال رسول الله ما تصنع بإزارك إن لبسته ولم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء ولكن هل معك شيء من القرآن فقال نعم معي سورة كذا وكذا فقال اذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن (٢)» مما يدل على أن متعة النساء قد أبيحت في زمان أبيحت فيه أكل الميتة وهذا معنى الفتوى التي قيل إن ابن عباس أفتى بها على أنه ليس بمعصوم وقد زجره الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال ما أراك تاركا هنياتك أما علمت أن رسول الله قد حرمها.

وجاء سعيد بن جبير إليه فقال ما هذه الفتوى التي سمعت الناس يتحدثون بها فقال: ما يقولون؟ قال: يقولون إنك أبحت متعة النساء وقد سمعت ركاب الإبل يتغنون بها، فقال: ما يقولون؟ قلت يقولون:

أقول للشيخ لما طال مجلسه ... يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس

هل لك في خصرة الأطراف آنسة ... تكون مثواك حتى مصدر الناس

فقال والله ما قلت إلا أنها محرمة كحرمة الميتة ولحم الخنزير وليس تأخير تحريم متعة الناس إلى زمن خيبر ببدع من القول للحكمة والمصلحة فإن الله يحدث من أمره ما يشاء وكانت الشرائع من الأمر والنهي والحلال والحرام تنزل على النبي شيئا بعد شيء كما كان بعضهم يكلم بعضا في نفس الصلاة فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث من أمره أن لا تتكلموا في الصلاة يقول الله سبحانه: (٤)». فقد أبيح للناس شرب الخمر في أول الإسلام فكان أول آية نزلت في التمهيد للتحريم هو قوله سبحانه {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (٥). .


(١) صحيح مسلم النكاح (١٤٠٦)، سنن النسائي النكاح (٣٣٦٨)، سنن أبو داود النكاح (٢٠٧٢)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٦٢)، سنن الدارمي النكاح (٢١٩٥).
(٢) صحيح البخاري النكاح (٥٠٨٧)، صحيح مسلم النكاح (١٤٢٥)، سنن الترمذي النكاح (١١١٤)، سنن النسائي النكاح (٣٢٨٠)، سنن أبو داود النكاح (٢١١١)، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٣٦)، موطأ مالك النكاح (١١١٨)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٠١).
(٣) صحيح البخاري المناقب (٣٨٧٥)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٣٨)، سنن النسائي السهو (١٢٢١)، سنن أبو داود الصلاة (٩٢٤)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠١٩)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤١٥).
(٤) سورة البقرة الآية ١٠٦ (٣) {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}
(٥) سورة البقرة الآية ٢١٩