للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمؤمنين، يتضمن النهي عن مخاطبته باسمه، والأمر بأن يخاطبوه بوصفه، وهكذا كان يدعوه الصحابة. ولما جهل هذا الأدب بعض الأعراب لما كانوا عليه من خشونة البادية وجفائها فكانوا ينادونه باسمه (يا محمد) أنزل الله عز وجل: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (١) الآية (٢).

وقد نهى الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية عن الحزن والأسى على كفر هاتين الطائفتين، المنافقين {الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} (٣) أي: أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر، فإن الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب لم يعدل به صاحبه غيره، ولم يبغ به بدلا.

{وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا} (٤) أي: اليهود {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} (٥) أي: مستجيبون ومقلدون لرؤسائهم وأئمتهم، المبني أمرهم على الكذب والضلال والغي، وهؤلاء الرؤساء والأئمة المتبعون {لَمْ يَأْتُوكَ} (٦) بل أعرضوا عنك، وفرحوا بما عندهم من الباطل {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} (٧) أي: يتأولونه على غير تأويله الحق، ويبدلونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} (٨) أي: يقول بعضهم لبعض: إن حكم لكم محمد


(١) سورة النور الآية ٦٣
(٢) ينظر: لباب النقول ١٦٢، التفسير الكبير ١١/ ٢٣٨، البحر المحيط ٣/ ٤٨٧.
(٣) سورة المائدة الآية ٤١
(٤) سورة المائدة الآية ٤١
(٥) سورة المائدة الآية ٤١
(٦) سورة المائدة الآية ٤١
(٧) سورة المائدة الآية ٤١
(٨) سورة المائدة الآية ٤١