للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النداء، وإظهارا لكمال الاعتناء بشأن المأمور به، وهو المبالغة في الحث على القتال (١)، قال الراغب: " التحريض: الحث على الشيء بكثرة التزيين وتسهيل الخطب فيه " (٢).

ثم وعدهم بأنهم إن صبروا في قتال الكفار، الواحد لعشرة غلبوا بعون الله وتأييده، وذلك متى احتسبوا أنفسهم في سبيل الله وثبتوا عند لقاء عدوهم.

وقوله: {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} (٣) بيان لسبب انتصار المؤمنين عليهم، وهو أن الكفار قوم جهلة بالله تعالى واليوم الآخر، لا يقاتلون احتسابا وامتثالا لأمر الله تعالى وطاعته وإعلاء لكلمته كما يفعل المؤمنون، وإنما يقاتلون للحمية الجاهلية واتباع خطوات الشيطان، فلا يستحقون- والحالة هذه- إلا القهر والخذلان، وقيل: لأن من لا يؤمن بالله واليوم الآخر لا يؤمن بالمعاد، والسعادة عنده ليست إلا هذه الحياة الدنيا فيشح بها، ولا يعرضها للزوال بمزاولة الحروب واقتحام موارد الخطوب، فيميل إلى ما فيه السلامة فيفر فيغلب، وأما من اعتقد أن لا سعادة في هذه الحياة الفانية، وإنما السعادة في الحياة الباقية فلا يبالي بهذه الحياة الدنيا، ولا يلتفت إليها، فيقدم على الجهاد بقلب قوي وعزم صحيح، فيقوم الواحد من مثله مقام الكثير (٤).


(١) ينظر: روح المعاني ١٠/ ٣٠، تفسير التحرير والتنوير ١٠/ ٦٦.
(٢) المفردات ١١٣.
(٣) سورة الأنفال الآية ٦٥
(٤) ينظر: جامع البيان ١٠/ ٢٧، التفسير الكبير ١٥/ ١٩٩، روح المعاني ١٠/ ٣٠، ٣١.