أما ما ذكره السائل من أن مثل هذا الكلام من عقيدة المرجئة، فلا يظهر لي الآن وجه ذلك.
وأما المرجئة فهم فرق ضالة يختلف ضلالهم حسب مراتبهم، ومعنى الإرجاء في اللغة: التأخير، وسموا مرجئة؛ لتأخيرهم العمل عن مسمى الإيمان- هذا في الجملة- وإلا فدرجاتهم في الضلال متفاوتة جدا، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام له يجمع غالب مقالات المرجئة:" والمرجئة ثلاثة أصناف: الذين يقولون: الإيمان مجرد ما في القلب، ثم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب، وهم أكثر فرق المرجئة، كما قد ذكر أبو الحسن الأشعري أقوالهم في كتابه وذكر فرقا كثيرة يطول ذكرهم، لكن ذكرنا جمل أقوالهم، ومنهم من لا يدخلها في الإيمان كجهم ومن اتبعه كالصالحي، وهذا الذي نصره هو- يعني الأشعري - وأكثر أصحابه. و" القول الثاني " من يقول: هو مجرد قول اللسان، وهذا لا يعرف لأحد قبل الكرامية، و" الثالث " تصديق القلب وقول اللسان، وهذا هو المشهور عن أهل الفقه والعبادة منهم " ثم ذكر رحمه الله ثلاثة أوجه لغلط المرجئة في الإيمان:
الأول: ظنهم أن الإيمان الذي فرضه الله على العباد متماثل في حق العباد وأن الإيمان الذي يجب على شخص يجب مثله على كل شخص.
الثاني: ظنهم أن ما في القلب من الإيمان ليس إلا التصديق فقط، دون الأعمال.