بدرجات، وبهذا نستطيع مضاعفة أعداد المختصين من خبراء وفنيين إلى أي قدر نريد، حيث إن كل متخرج يمكن أن يلزم بتعليم وتدريب مثل ذلك، وهكذا كل من يتخرج بعد ذلك. أما إذا لم تكن نواة من الخبراء والفنيين فالإشكال أكبر والخطب أعظم، ولا يمكننا التغلب على هذا النقص التقني إلا بعد زمن طويل من التعليم والتدريب التقني الجاد لأعداد كبيرة من الناس وفي مختلف المجالات، ليخرج من بينهم المهرة الذين يترقون في التقنيات، فيكونوا نواة لمختلف الصناعات، فيعملون، ويعلمون ويؤسسون قاعدة متينة في الهندسة والفنيات.
وقد يظن بعض الناس أن المسلمين غير قادرين على الصناعات المعقدة، ومنافسة العالم في التطور الصناعي، كما يوحيه الغرب من يهود ونصارى إلى أوليائهم في ديار المسلمين، ليوهنوا المسلمين، ويقعدوهم، ويصيبوهم باليأس والقنوط.
والحق أن هذا محض الباطل، فأذكى الناس هم المسلمون، بشهادة العالم، وخاصة العرب منهم. ولقد حضرت عدة محاضرات علمية فيزيائية في جامعة برلين الهندسية لأكبر أستاذ فيزياء في ألمانيا، وكان عدد الحضور من طلبة الفيزياء الألمان والأجانب يفوق ثلاثة آلاف طالب، ورأيت أنه لا أحد يستطيع أن يرد خطأ هذا الأستاذ الكبير إذا أخطأ في تحليل أعقد المسائل الفيزيائية إلا طالب أردني. ولا يرد الأستاذ الرأي إذا استعصت عليه بعض المسائل إلا لهذا الطالب الأردني. وقد نال أخوه في جامعة برلين الحرة ما لم ينل منذ خمس وعشرين سنة.