للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومحمد -صلى الله عليه وسلم- الذي نشأ فقيرا يتيما بعثه الله إلى أمة بليغة في لغتها، غنية في تجارتها فوقف في دعوته لهم إلى دين الله ثابتا لا يتزعزع، قويا لا يلين لباطلهم، فكان من معجزاته، ما أمره الله أن يتحدى به قريشا، بأن يأتوا بسورة تماثل سور القرآن، أو آية من آياته: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (١) {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (٢).

ولما جاء أمر الله لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يبلغ رسالة ربه، لينذر الناس، ويدعوهم إلى نبذ الآلهة التي يصرفون العبادة لها من دون الله جاءه ذلك الأمر للتبليغ على مراحل تتدرج بحسب وضع المجتمع الموجهة إليه الدعوة، وبحسب القدرة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتحمل والحماية له وللقلة المستجيبة لهذه الدعوة، وهم الفئة المستضعفة في المجتمع ذلك الوقت، فصبر على ذلك ثلاثة وعشرين عاما، حتى اتسعت دائرة الدعوة وعظم أمرها، ودخل الناس في دين الله أفواجا. فقد بدأت النبوة بأول ما نزل من القرآن الكريم، وهي:


(١) سورة البقرة الآية ٢٣
(٢) سورة البقرة الآية ٢٤