للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك أن القرآن يأمر بالدعوة، وأن تكون بالإقناع، حيث يخاطب العقول، ويدعوها للتعقل والتفكر والتبصر، فيما حولها من آيات وعبر، وينهى عن الإكراه، وقسر الناس على الدين، إلا من عرف وعاند، وتصدى للدعوة، يقول سبحانه: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (١). كما أن الدعوة ليست ملزمة لكل من استمعها أن يستجيب، بل الهداية هبة من الله يمن بها على من يشاء من عباده يقول سبحانه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (٢). ويقول تعالى في أمره لرسوله -صلى الله عليه وسلم- بمخاطبة الكفار: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (٣) {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} (٤) {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} (٥) {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} (٦) {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} (٧) {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (٨). وإن من أسباب لين القلب للدعوة، وتقارب النفوس للتآلف والتمعن في المصالح المرتقبة، وراء معرفة ما تنطوي عليه تعاليم الإسلام، وعلاجه لمعضلات المجتمعات المتباينة -أن تفتح القلوب للراغبين، وأن تعرض أمامهم بضاعة الإسلام بأسلوب شيق وهادئ.

وما ذلك إلا أن مخاطبة العقول يحتاج إلى مهارة في


(١) سورة البقرة الآية ٢٥٦
(٢) سورة القصص الآية ٥٦
(٣) سورة الكافرون الآية ١
(٤) سورة الكافرون الآية ٢
(٥) سورة الكافرون الآية ٣
(٦) سورة الكافرون الآية ٤
(٧) سورة الكافرون الآية ٥
(٨) سورة الكافرون الآية ٦