للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإلقاء، وانفتاح صدر أمام المسترشد والراغب في البحث {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (١).

يقول أرنولد في كتابه الدعوة إلى الإسلام: كان الإسلام منذ بدء ظهوره دين دعوة، من الناحية النظرية، أو الناحية التطبيقية، وقد كانت حياة محمد تمثل هذه التعاليم ذاتها، وكان النبي نفسه يقوم على رأس طبقات متعاقبة من الدعاة المسلمين الذين وفقوا إلى إيجاد سبيل إلى قلوب الكفار، على أنه ينبغي ألا نلتمس الأدلة على روح الدعوة الإسلامية في قسوة المضطهد، أو عسف المتعصب، ولا حتى في مآثر المحارب المسلم، ذلك البطل الأسطوري الذي حمل السيف في إحدى يديه، وحمل القرآن في اليد الأخرى، وإنما نلتمسها في تلك الأعمال الوديعة الهادئة التي قام بها الدعاة، وأصحاب المهن، الذين حملوا عقيدتهم إلى كل صقع من الأرض، على أن هؤلاء الدعاة لم يلجأوا إلى اتخاذ مثل هذه الأساليب السليمة في نشر هذا الدين، عن طريق الدعوة والإقناع بخلاف ما زعم بعضهم حينما جعلت الظروف القوة والعنف أمرا مستحيلا يتنافى مع الأساليب السياسية، فقد جاء القرآن مشددا في الحض على هذه الطريقة السليمة، في غير آية، مثال ذلك: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} (٢) {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا} (٣).


(١) سورة النحل الآية ١٢٥
(٢) سورة المزمل الآية ١٠
(٣) سورة المزمل الآية ١١