للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهجها في القرآن الكريم بين مدعو ومدعو.

فالجاهل يدعا بالرفق واللين، ليوضح له الحق بدلائله وبراهينه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (١). وصاحب الشبهات إذا كان عنده جزء من علم يحاور باللين والرفق ومخاطبة عقله بالأدلة، وفهمه بالبراهين {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٢). وعدم الغضب عند المحاورة معهم، أو تسفيه آرائهم، وشتم ما يعبدون حتى لا تأخذهم الحمية الجاهلية، فيكيلوا الصاع صاعين: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (٣).

وأن يكون الداعي إلى الحق واسع الصدر، متحملا ما يبدر من تصرفات المدعو، مقربا إليه الأمر المدعو إليه، بما يحفز للتأثير في أحاسيسه، حتى يلين في الاستماع، ولو بعد زمن: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} (٤).

أما إذا كان المجادل لديه علم، ولكنه يجادل بالباطل لا للاسترشاد والبحث عن الحقيقة، ويكابر في تلبيس الحق الذي بلغ به، كما هي الحال مع نصارى نجران، الذين حكى الله


(١) سورة النحل الآية ١٢٥
(٢) سورة العنكبوت الآية ٤٦
(٣) سورة الأنعام الآية ١٠٨
(٤) سورة آل عمران الآية ١٥٩