للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشكرك وحسن عبادتك (١)». ودبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده، وكان شيخنا يرجح أن يكون قبل السلام فراجعته فيه فقال: (دبر كل شيء منه كدبر الحيوان) (٢).

ويبدو والله أعلم أن الإمام ابن القيم قد نقض قوله السابق بعدم مسنونية الدعاء بعد الصلاة، أو كاد، فقد ذكر هذا الكلام الأخير في فصل عقده لبيان ما كان صلى الله عليه وسلم يقوله بعد انصرافه من الصلاة، وجلوسه بعدها، وسرعة الانتقال منها، وما شرعه لأمته من الأذكار والقراءة.

ويدلك على ذلك أيضا قوله في حديث علي بن أبي طالب:

إن مسلما رواه بلفظين أحدهما أنه كان يقوله قبل السلام، والآخر أنه كان يقوله بعد السلام، ومع أنه رجح الأول إلا أنه جوز أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله في الموضعين.

وكذلك تفسيره لدبر الصلاة بأنه يعني ما قبل السلام وما بعده، وذكره لحديث معاذ وغيره.

كل ذلك يدل على أن رأيه في المسألة متجاذب بين متابعته لشيخه، وبين نظره إلى الأحاديث، مما حدا به إلى التوفيق بين قول شيخه الإمام، ودلالات الحديث التي ذكرها في الزاد، وعقد له فصلا في بيان ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله بعد انصرافه من صلاته.


(١) سنن النسائي السهو (١٣٠٣)، سنن أبو داود الصلاة (١٥٢٢)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٤٧).
(٢) زاد المعاد ١/ ٧٦.