والتجاذب الذي كان ابن القيم رحمه الله واقعا تحت تأثيره يشير إليه، ويوحي به قوله - رحمه الله - (ودبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده، وكان شيخنا يرجح أن يكون قبل السلام، فراجعته فيه، فقال: (دبر كل شيء منه كدبر الحيوان).
وإذن فقد كان ابن القيم يراجع شيخه في تفسيره لمدلول " دبر الصلاة " والمراجعة تعني ولا شك أنه كان يرى رأيا غير رأي شيخه، وأنه كان يناقشه فيه؟ ولذلك جاء بتلك " النكتة اللطيفة "(١) في تجويزه بل استحبابه لدعاء المصلي بعد أن يفرغ من صلاته، وأذكاره المشروعة، وقوله: إن هذا الدعاء المستحب ليس لكونه واقعا دبر الصلاة، ولكن لكونه بعد الأذكار المشروعة، والصلاة والسلام على رسول الله.
ومع ذلك فقد فهم منه بعض الناس أنه يمنع من الدعاء بعد الصلاة مطلقا، قال ابن حجر: (وفهم كثير ممن لقيناه من الحنابلة أن مراد ابن القيم نفي الدعاء بعد الصلاة مطلقا، وليس كذلك، فإن حاصل كلامه أنه نفاه بقيد استمرار استقبال القبلة وإيراده بعد السلام، أما إذا انفتل بوجهه وقدم الأذكار المشروعة فلا يمتنع عنده