وبعد هذا العرض لمذهب شيخ الإسلام وتلميذه، نشرع بحول الله وقوته وتوفيقه وهدايته في النظر فيما ذهبا إليه، ودراسة ما أورداه من الحجج التي استندا إليها في مذهبهما.
فأما ما ذهب إليه ابن تيمية رحمه الله من منع الدعاء الجماعي من الإمام والمأمومين فحق لا ريب فيه، ولا مناقشة في هذا، لأنه كما قال شيخ الإسلام: لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء من هذا، ولو كان هناك شيء منه لنقل.
وأما قوله وقول ابن القيم رحمهما الله تعالى: أن المشروع بعد الصلاة الذكر المشروع من الاستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير فهذا أيضا حق واضح، وشرع بين، وسنة متواترة. ولكنه لا يمنع من الدعاء بعد الصلاة.
والمناقشة إنما هي في قول شيخ الإسلام وقول ابن القيم: أن الدعاء بعد السلام ليس بمشروع، بناء على أن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ما ورد عنه من الدعاء دبر الصلاة معناه قبل السلام منها، وأن اللائق بحال المصلي أن يدعو في الصلاة لا خارجها.
فأما قولهما: إن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم. فيرده ما أورده ابن القيم من بعض الأحاديث، وما سنذكره إن شاء