للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الدليل العقلي الذي استدل به، أو استأنس به شيخ الإسلام وتلميذه وهو: أن المصلي قريب من ربه في صلاته، والمناسب الدعاء حال قربة وإقباله على ربه.

فالجواب: أننا نسلم بذلك، والصلاة كلها محل للدعاء، بل هي كلها دعاء إذا نظرنا إلى الاشتقاق اللغوي، لكن لم لا ينظر إلى الصلاة على أنها قربة ووسيلة إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا قضاها العبد وأداها توسل بها إلى مولاه وتقرب بها إليه سبحانه وطلب حاجته من الله بعدها.

ولم يمنع أحد من الدعاء قبل السلام، ومن المواضع الأخرى في الصلاة كالركوع والسجود والقيام وغيرها، حتى يقال: إن المناسب الدعاء في الصلاة لا خارجها: بل إنا نقول: يدعو في الصلاة ويدعو خارجها بعد الفراغ منها بناء على دلالة الأحاديث، واستئناسا بالنظر الاعتباري، الذي يجعل الصلاة وسيلة صالحة يدعو فيها العبد ربه، فإذا فرغ منها جعلها وسيلة صالحة تقوم بين يدي حاجته من ربه وسؤاله إياه.

ثم إن مما يستدل به على مشروعية الدعاء بعد الصلاة - فريضة أو نافلة - أنه ليس هناك وقت محدد من الشارع للدعاء يجوز فيه، ووقت لا يجوز فيه كالصلاة، بل الدعاء عبادة مشروعة في كل وقت، ومن منع منه في حال أو زمان أو مكان يحتاج إلى إثبات ذلك بالدليل الصحيح الصريح، فمن يدعو بعد الصلاة أقل أحواله أن يكون متمسكا هذا الأصل، وهو مشروعية الدعاء في كل وقت، فكيف إذا جاءت بالأمر به