للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في التحرير والتنوير عند تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (١) (أجرى صفة التفكير على لفظ قوم إشارة إلى أن التفكير المتكرر المتجدد هو صفة راسخة فيهم بحيث جعله من مقومات قوميتهم أي: جبلتهم، وجيء بالتفكير بالصيغة الدالة على التكلف وبصيغة المضارع للإشارة إلى تفكير شديد ومكرر) (٢).

وقد جاءت آيات عديدة في القرآن تدعو إلى التفكر والنظر والتأمل والسير في الأرض قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (٣) وقال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (٤).

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: (والتذكر والنظر والتأمل والاعتبار والتدبر والاستبصار كلها معان متقاربة) (٥).

والتفكر والتذكر فيهما معنى التكرير ويفرق بينهما الإمام ابن القيم - رحمه الله - بقوله: (كل من التفكر والتذكر له فائدة غير فائدة الآخر، فالتذكر يفيد تكرر القلب على ما علمه وعرفه ليرسخ فيه


(١) سورة الرعد الآية ٣
(٢) الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، ج٧، ص ٥٨
(٣) سورة آل عمران الآية ١٣٧
(٤) سورة الذاريات الآية ٤٩
(٥) ابن القيم مفتاح دار السعادة، ج١، ص ١٨٢