للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي فيها فذاك من العبث المذموم) (١).

وإذا كان التفكر يكون بتقليب النظر، أو ترديد القلب، اعتبارا وتفكرا، فإنه يكون مع ترديد الآيات القرآنية والأذكار الشرعية. وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قام ليلة يردد قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} (٢) قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: (وهذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصباح).

وعقد الإمام النووي - رحمه الله - فصلا في كتاب التبيان في استحباب ترديد الآية للتدبر، وقال: (وقد بات جماعة من السلف يتلون آية واحدة يرددونها إلى الصباح) (٣).

أما ترديد الأذكار الشرعية فقد ضلت فيه طوائف عندما ابتدعوا ألفاظا يرددونها مرات ومرات، يتعبدون بها أو يظنون بها صلاحا لأنفسهم.

والتكرير الوارد في السنة إنما هو لأذكار مخصوصة، وليس لأحد أن يبتدع أذكارا أو ألفاظا لم يأذن بها الشارع، ولو فعل ذلك لم ينتفع بها في الدنيا ولا في الآخرة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (٤)».


(١) ابن حجر، فتح الباري، ج١٠، ص٥٩٧
(٢) سورة المائدة الآية ١١٨
(٣) النووي، كتاب التبيان في آداب حملة القرآن، ص ٤٥
(٤) رواه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، رقم الحديث ٢٤٩٩، ورواه مسلم كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور رقم الحديث ٣٢٤٣