للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتوبة، فما هو متم له لا يسقط كذلك، فالحد منصوص عليه في قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (١) وقوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} (٢) معطوف على الجلد، والعطف للاشتراك بين المعطوف والمعطوف عليه، فإذا كان المعطوف عليه حدا كان المعطوف من تمام الحد (٣).

ونوقش هذا الاستدلال بما يلي:

أ - أن رد الشهادة ليس من تمام الحد، فالحد تم باستيفاء عدده، ورد الشهادة عقوبة أخرى غير الجلد، وجبت بسبب القذف، فالحد ورد الشهادة حكمان للقذف متغايران (٤).

فالحد منصوص عليه بقوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (٥) ورد الشهادة بقوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} (٦) وهو معطوف على الجلد، والمعطوف غير المعطوف عليه، لأن العطف يقتضي المغايرة.

ب - أن الله سبحانه وتعالى علق على القذف ثلاثة أحكام: الحد، ورد الشهادة، والتفسيق. ورد الشهادة سببه الفسق، فإذا زال بالتوبة زال رد الشهادة؛ لزوال علته (٧).

قال الفخر الرازي: " إن قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٨)


(١) سورة النور الآية ٤
(٢) سورة النور الآية ٤
(٣) المبسوط للسرخسي (١٦/ ١٠٦ - ١٢٧)، وفتح القدير (٧/ ٤٠٢).
(٤) إعلام الموقعين (١/ ١٢٨) بتصرف.
(٥) سورة النور الآية ٤
(٦) سورة النور الآية ٤
(٧) أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١٣٣٦ - ١٣٣٧).
(٨) سورة النور الآية ٤