للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقيب قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} (١) يدل على أن العلة في عدم قبول تلك الشهادة كونه فاسقا؛ لأن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية، لا سيما إذا كان الوصف مناسبا، وكونه فاسقا يناسب أن لا يكون مقبول الشهادة. إذا ثبت أن العلة لرد الشهادة ليست إلا كونه فاسقا، ودل الاستثناء على زوال الفسق، فقد زالت العلة، فوجب أن يزول الحكم لزوال العلة (٢).

٨ - أن ما تعلق بالقذف من حقوق الآدميين لم يسقط بالتوبة كالجلد، والشهادة من حقوق الآدميين فلا تسقط بالتوبة (٣).

ونوقش هذا الاستدلال: بأن الشهادة من الحقوق المشتركة بين حقوق الله وحقوق الآدميين (٤)، وحق الله فيها غالب، لقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} (٥) والحكم للغالب.

٩ - أن قبول الشهادة ولاية قد زالت بالقذف، وجعلت العقوبة فيها في محل الجناية، وهو اللسان؛ تغليظا لأمرها (٦)، وذلك مشروع، كحد السرقة (٧)


(١) سورة النور الآية ٤
(٢) التفسير الكبير للفخر الرازي (٢٣/ ١٦٣).
(٣) الحاوي للماوردي (١٧/ ٢٥).
(٤) الحاوي للماوردي (١٧/ ٢٨).
(٥) سورة الطلاق الآية ٢
(٦) أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١٣٣٧)، والمبسوط للسرخسي (١٦/ ١٢٧).
(٧) المبسوط للسرخسي (١٦/ ١٢٧).