للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحدود لا توجب رد الشهادة على التأبيد، ولأن الحد يقام من وجه تطهيرا للمحدود فلا يصلح أن يكون سببا لرد الشهادة على التأبيد، فإذا بطل الوجهان صح أن الموجب لرد الشهادة سمة الفسق، وقد ارتفع بالتوبة، بدليل قبول خبره في الديانات (١)، فتقبل شهادته لزوال العلة الموجبة لردها (٢).

٢ - أن القذف افتراء من القاذف على عبد من عباد الله، فلا يكون أعظم من الافتراء على الله تعالى، وهو الكفر، وذلك لا يوجب رد الشهادة على التأبيد، فإن الكافر إذا أسلم تقبل شهادته، فكذلك ما دونه وهو القذف لا يوجب رد الشهادة على التأبيد، فإذا تاب القاذف قبلت شهادته من باب أولى (٣).

ونوقش هذا الاستدلال:

بأن عقوبات الدنيا غير موضوعة على مقادير الإجرام، فإن القاذف بالكفر لا يجب عليه الحد، والقاذف بالزنا يجب عليه الحد، فغلظ أمر القذف من هذا الوجه بما لم يغلظ به أمر الكفر في أحكام الدنيا، وإن كانت عقوبة الكفر في الآخرة أعظم (٤).


(١) المبسوط للسرخسي (١٦/ ١٢٥، ١٢٦).
(٢) إعلام الموقعين (١/ ١٢٥).
(٣) المبسوط للسرخسي (١٦/ ١٢٦).
(٤) أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٢٧٩).