للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنفسه كذب، والكذب معصية، فكيف تشترط المعصية في التوبة، وهي ضدها، وتجعل المعاصي سبب صلاح العبد، وقبول شهادته، ورفعته؟ (١).

الوجه الثاني: أن القاذف إن كان كاذبا في قذفه فهو فاسق، وإن كان صادقا فهو عاص؛ لأن تعيير الزاني بزناه معصية، فكيف ينفعه تكذيبه لنفسه، مع كونه عاصيا بكل حال؟ (٢).

وأجيب عن هاتين المناقشتين بما يلي:

أولا: الإجابة عن الوجه الأول:

أ- أن تكذيب الصادق نفسه، يرجع إلى أنه كاذب في حكم الله تعالى، وإن كان في نفس الأمر صادقا؛ لأن الله سبحانه وتعالى سمى القاذف الذي لم يأت بأربعة شهداء كاذبا على الإطلاق (٣)، بقوله تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (٤).

ب- أن الكذب إذا كان يتحقق به مصلحة ولا يترتب عليه مفسدة جائز، ككذب الرجل مع امرأته، أو للإصلاح بين الناس


(١) الذخيرة للقرافي (١٠/ ٢٢٠).
(٢) الذخيرة للقرافي (١٠/ ٢٢٠).
(٣) المغني لابن قدامة (١٤/ ١٩٢)
(٤) سورة النور الآية ١٣