للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معاني الصفات، فلا يمكن لأحد أن يقول إن السؤال عن معاني الصفات بدعة، ولا يمكن أيضا أن يريد أن السؤال عن وجوده بدعة؛ لأن وجود الاستواء ثابت في القرآن ومن سأل عن وجود شيء في القرآن مثل مجيء الله أو رحمته أو رؤيته في الآخرة لا يقال له: سؤالك بدعة.

فإذا تبين أن الإمام مالكا لم يرد السؤال عن المعنى ولا السؤال عن وجود الاستواء تعين أنه يريد به السؤال عن كيفية الاستواء، وكون السؤال عن الكيفية بدعة؛ لأن السؤال عنها لم يعرف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه الراشدين وهو من الأمور الدينية فكان إيراده بدعة، ولأن السؤال عن مثل ذلك من سمات أهل البدع، ثم إن السؤال عنه مما لا تمكن الإجابة عليه فهو من التنطع في الدين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون (١)».

فبهذا يتضح أن مراد مالك أن الاستواء معلوم معناه في اللغة وكيفيته مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عن كيفيته بدعة وما رواه البيهقي عن مالك من قوله: ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع (٢)، فهذا خلاف اللفظ الثابت عنه من طرق عديدة وهو: (والكيف منه غير معقول) (٣) وخلاف ما نقله عنه الأئمة المالكية كابن


(١) تقريب التدمرية ٤٢.
(٢) الأسماء والصفات ٥١٥.
(٣) انظر: المراجع السابقة في تخريج هذا الأثر.