للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة، وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره، ولكن اشتهر أن أهل العلم يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل، وإن كان فيها ضعف ما لم تكن موضوعة، وينبغي مع ذلك اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ضعيفا، وألا يشهر ذلك، لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف، فيشرع ما ليس بشرع أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة، وقد صرح بمعنى ذلك الأستاذ أبو محمد بن عبد السلام وغيره، وليحذر المرء من دخوله تحت قوله صلى الله عليه وسلم: «من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين (١)» فكيف بمن عمل به؟ ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو في الفضائل، إذ الكل شرع ".

٣ - ثم انتقل المؤلف إلى النظر فيما ورد من الأحاديث غير الصريحة في فضل رجب، فبين أن أمثل ما ورد فيها ثلاثة أحاديث، وكلها في شأن الصوم:

* أما الأول: فما رواه النسائي من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما- قال: «قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان. قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان (٢)»، الحديث.

ويتابع المؤلف بحثه في هذا الحديث ببيان وجه الاستدلال به فيقول (٣): " فهذا فيه إشعار بأن في رجب مشابهة برمضان، وأن الناس يشتغلون فيه من العبادة بما يشتغلون به في رمضان، ويغفلون عن نظير ذلك في شعبان، لذلك كان يصومه، وفي تخصيصه ذلك بالصوم إشعار بفضل صيام رجب، وأن ذلك كان من المعلوم المقرر لديهم".

* * *

وأما الحديث الثاني: فهو ما رواه أبو داود في السنن عن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها، وفيه: «صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك فقال


(١) صحيح مسلم مقدمة (١)، سنن الترمذي الجنائز (١٠٠٠)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤١)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٥٢).
(٢) سنن النسائي الصيام (٢٣٥٧)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٠١).
(٣) ص: ٤.