للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تشايع كل منها عقيدتها الزائغة وإمامها الذي أضلها، فهي فرق شر في مزاعمها الباطلة، ومذاهبها المنحرفة، كل حزب منها فرح بما لديه، يظن أنه على حق، والحق لا يتعدد، فإنه صراط الله المستقيم.

وجاءت الأحاديث مبينة لهذا المعنى، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم: (٢)» الآية.

إن الإنسان يولد على الفطرة الكاملة السليمة، التي لا تشوبها شائبة تكدر صفوها، أو تؤثر على جبلتها كما تولد البهيمة مجتمعة الأعضاء، سليمة الحواس، لا نقص فيها، وإنما يعرض للفطرة ما يعرض لها من تغير وتبديل وزيغ وانحراف تحت تأثير العوامل التي تحيط بها من بيئة خاصة كبيئة المنزل، أو بيئة عامة من بيئات المجتمع، فالتعبير بالأبوين وأثرهما في التهويد والتنصير والتمجيس رمز للمؤثرات الخارجة على الفطرة، شأنها في ذلك شأن ما يعرض للبهيمة التي تولد كاملة الأعضاء، فيطرأ عليها ما يطرأ من نقص وفساد، ولم يذكر الإسلام في العوامل المؤثرة للدلالة على أنه دين الفطرة. وهذه الفطرة هي الميثاق الذي أخذه الله على بني آدم بقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} (٣) {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} (٤) {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (٥).


(١) صحيح البخاري الجنائز (١٣٥٩)، صحيح مسلم القدر (٢٦٥٨)، سنن أبو داود السنة (٤٧١٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣١٥)، موطأ مالك الجنائز (٥٦٩).
(٢) سورة الروم الآية ٣٠ (١) {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}
(٣) سورة الأعراف الآية ١٧٢
(٤) سورة الأعراف الآية ١٧٣
(٥) سورة الأعراف الآية ١٧٤