حسدوه على هذا ودبروا له المكائد. أما قوله: بأنها نظريات: فما هي إلا شرائع وتكليفات في العبادة من الله سبحانه، وفي المعاملات لتغيير المجتمع الجاهل في بلاد العرب، ذلك أن النظرية تحتمل الصدق والكذب لأنها من البشر، أما الشرائع التي هي من الله، وكلف محمد صلى الله عليه وسلم تبليغها فهي حقائق ثابتة، ولو نوقشت بالعقل والمنطق، ووفق متطلبات الإنسان، في كل زمان ومكان لما كانت متناقضة - كما يحلو لهم أن يصموا الإسلام رغبة في النيل منه، والتنفير عنه -، بل إنها تسبق التطورات البشرية في العلوم والمخترعات، وشتى الفنون والمعارف.
وتخيلات الإنسان مهما كان من العبقرية، لا ترقى إلى إحداث تعليمات - كما يقول الكاتب - تغير بنية المجتمع بأسره في شتى مجالات الحياة ويكون لها ديمومة وانتشار بعيد الأثر؛ لأن البشر سمتهم القصور عن استيعاب جميع جوانب الحياة، ومتطلباتهم فيها، فضلا عن الأمور الغيبية، التي لا يعلمها إلا الله سبحانه.
ولكن عندما جاءت هذه الأساسيات في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت متكاملة، وفي فترة وجيزة من الزمن، في مكة قبل الهجرة، وفي المدينة بعدها، أدركنا أنها بقوة فوق قدرات البشر وعلمهم، وأنها تنزيل من عليم بأحوال الناس، وما يصلحهم في حياتهم ومعاشهم، ويسعدهم بعد مماتهم لمن استجاب وعمل،