للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحيح الذي ذهب إليه أهل السنة وكذلك الأشاعرة: أن النبوة نعمة من الله تعالى ومنة منه تفضل بها على خلقه، كما قال الله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (١).

وأما مسألة إيجاب شيء على الله ووضع شريعة لله بالعقل والتسوية بين الله وبين عباده فيما يحسن منهم ويقبح - كما ذهب إليه المعتزلة - فهو أمر ممتنع ومنتف من وجوه عديدة أشار إليها ابن القيم، منها:

أن الله تعالى كما أنه ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته، فكذلك ليس كمثله شيء في أفعاله؛ فلا تقاس أفعاله على أفعال خلقه فيحسن منه ما يحسن منهم ويقبح منه ما يقبح منهم؛ ذلك أن كثيرا من الأفعال تقبح منا وهي حسنة منه تعالى.

كذلك الإيجاب والتحريم يقتضي موجبا آمرا ناهيا، وهو طلب للفعل أو الترك على وجه الاستعلاء، وهذا محال في حق الواحد القهار (٢).


(١) سورة آل عمران الآية ١٦٤
(٢) مفتاح دار السعادة، ابن القيم ٢/ ٥٢.