أسرار فرضيتها الحج وشعائره، قال ابن القيم رحمه الله:(وأما الحج فشأن آخر، لا يدركه إلا الحنفاء الذين ضربوا في المحبة بسهم، وشأنه أجل من أن تحيط به العبارة، وهو خاصة هذا الدين الحنيف .. وسائر شعائر الحج مما شهدت بحسنه العقول السليمة والفطر المستقيمة، وعلمت بأن الذي شرع هذه لا حكمة فوق حكمته)(١) ا. هـ مختصرا.
وممن تحدث في بيان حكم الحج وأسراره ابن قدامة، فمما ذكره: أن يتذكر بتحصيل الزاد زاد الآخرة من الأعمال، وليحذر أن تكون أعماله فاسدة من الرياء والسمعة، فلا تصحبه ولا تنفعه، كالطعام الرطب الذي يفسد في أول منازل السفر، فيبقى صاحبه وقت الحاجة متحيرا.
وإذا فارق وطنه ودخل البادية وشهد تلك العقبات والصعاب والشدائد، فليتذكر بذلك خروجه من الدنيا بالموت إلى ميقات القيامة، وما بينهما من الأهوال.
ومن ذلك أن يتذكر وقت إحرامه وتجرده من ثيابه أنه يلبس كفنه، وأنه سيلقى ربه بزي مخالف لزي أهل الدنيا، وأنه يأتي ربه متجردا من الدنيا ورفعتها وغرورها، ما معه إلا عمله إن خيرا فخير،