للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدلة القول الأول: استدلوا بأدلة أهمها:

١ - قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (١).

وجه الدلالة: أن الأمر بالوفاء بالعقود يشمل الوفاء بأصلها ووصفها والشروط المشترطة فيها، وإذا وهب الإنسان فقد التزم بالعقد، فيلزمه الوفاء به ولا يتوقف الأمر على قبض ونحوه.

مناقشة الاستدلال: يمكن أن يناقش من وجهين:

أ- أن الآية محمولة على العقود الملزمة كعقود المعاوضات، والهبة بر وتبرع فلا يلزم من أصله باتفاق، فكذلك لا يلزم ما يترتب عليه.

ب- لو قيل بأن الآية تشمل عقد الهبة باعتبار أنه عقد، فإن الآية مطلقة في جميع العقود، ولم يذكر فيها تفصيل شيء من أحكامها، فيرجع في ذلك إلى النصوص الأخرى، وإلى ما فهمه الصحابة - رضي الله عنهم-؛ لأنهم أقرب إلى الفهم وأعلم بظروف الوحي.

٢ - حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العائد في الهبة كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه (٢)».


(١) سورة المائدة الآية ١
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها، باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها برقم ٢٤٤٩، وفي باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته برقم ٢٤٧٨، ٢٤٧٩. ومسلم في كتاب الهبات، باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة برقم ١٦٢٢، وقد استدل بالحديث على المسألة المالكية. انظر: الإشراف ٢/ ٦٧٣، والمغني ٨/ ٢٤٠.