للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحافظ ابن حجر عن ترجمة البخاري (١): (كذا بت الحكم في هذه المسألة لقوة الدليل عنده).

وقال أيضا (٢): قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس لنا مثل السوء (٣)» أي: لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أن نتصف بصفة ذميمة يشابهنا فيها أخس الحيوانات في أخس أحوالها، قال الله سبحانه وتعالى: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٤)، ولعل هذا أبلغ في الزجر عن ذلك، وأدل على التحريم مما لو قال مثلا: (لا تعودوا في الهبة).

وقال النووي -رحمه الله-: (هذا ظاهر في تحريم الرجوع في الهبة والصدقة) (٥).

وهذا الحديث عام يشمل الأب وغيره (٦)، وما ورد من الاستثناء لا يقاوم هذا الحديث (٧).

مناقشة هذا الاستدلال: نوقش من وجهين:

الوجه الأول: أن من القواعد العامة أن العام يحمل على الخاص، وقد ورد ما يخصصه بالأب كما سيأتي في أدلة القول


(١) فتح الباري ٥/ ٢٧٨
(٢) المرجع السابق ٥/ ٢٧٨
(٣) صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (٢٦٢٢)، صحيح مسلم الهبات (١٦٢٢)، سنن الترمذي البيوع (١٢٩٨)، سنن النسائي كتاب الهبة (٣٧٠٣)، سنن أبو داود البيوع (٣٥٣٨)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٨٥)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢١٧).
(٤) سورة النحل الآية ٦٠
(٥) شرح مسلم ١١/ ٦٤
(٦) انظر بداية المجتهد ٢/ ٣٣٣
(٧) انظر الاستذكار لابن عبد البر ٢٢/ ٣١٥