للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا يتبين اتفاق كلمة المذاهب الأربعة على اعتبار الانتفاع عنصرا أساسيا في المالية.

وقبل بيان المحترزات من اشتراط الانتفاع في المال لا بد من أن نذكر أن هذا الانتفاع المعتبر في المالية ليس من شرطه كونه آنيا، بل المقصود كون المال مستعدا لأن ينتفع به ولو في المآل، وهنا يذكر الفقهاء أشياء تميل طباع الناس إليها لمنافع مرجوة فيها مستقبلا، لا توجد في الحال، فتكون أموالا بذلك، كدود القز وبزره، والأطفال الأرقاء، وجحوش الحمر، ومهور الأفراس، وبيض ما لا يؤكل، ونحوها مما يكون نفعه مرجوا في ثاني الحال، بل جاء في النكت والفوائد السنية في من أقر بشيء مجمل فأمره القاضي بتفسيره: (كما يقبل تفسيره من مسلم بجلد ميتة لم يدبغ يعني في أحد الوجهين؛ لأنه مما يؤول إلى التمول) (١).

وإن الانتفاع بالمال ليس جنسا واحدا بل هو في كل شيء بما يصلح له (٢)،

لكنه في كل أحواله مقيد بالحل. فكل انتفاع محرم غير معتبر


(١) النكت والفوائد السنية (٢/ ٤٧٥).
(٢) (انظر: رد المحتار (٤/ ٥٠٢).